من أبلغ وأجمع الكلمات التي وصفت أخلاق رسول الله صلى الله جل جلالهعليه وسلم ما
قالته السيدة عائشة رضي الله جل جلالهعنه (كان خلقه القرآن) ولقد كانت هذه الأخلاق
من السمو والتوازن ما جعل تواضعه لا يغلب حلمه ولا يغلب حلمه بره وكرمه ولا
يغلب بره وكرمه صبره … وهكذا في كل شمائله صلوات الله جل جلالهوسلامه عليه هذا مع
انعدام التصرفات الغير أخلاقية في حياته.
فعن تواضعه يروى أبو نعيم في دلائل النبوة عن أنس رضي الله جل جلالهعنه قال : كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم من أشد الناس لطفا والله جل جلالهما كان يمتنع في
غداة باردة من عبد ولا من أمة ولا صبى أن يأتيه بالماء فيغسل وجهه وذراعيه
وما سأله سائل قط إلا أصغى إليه أذنه فلم ينصرف حتى يكون هو الذي ينصرف عنه
وما تناول أحد بيده إلا ناوله إياها فلم ينزع حتى يكون هو الذي ينزعها
منه.
وعن حلمه يروى البخاري يوم حنين ورسول الله صلى الله جل جلالهعليه وسلم يقسم
الغنائم فقال رجل والله إن هذه لقسمة ما عدل فيها وما أريد بها وجه الله جل جلاله
فقلت -أي عبد الله راوي الحديث- والله لأخبرن رسول الله صلى الله جل جلالهعليه وسلم
فأتيته فأخبرته فقال (من يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله رحم الله جل جلالهموسى قد
أوذي بأكثر من هذا فصبر )
وعن كرمه يروى الشيخان عن جابر بن عبد الله رضي الله جل جلالهعنه قال (ما سئل رسول
الله صلى الله جل جلالهعليه وسلم شيئا قط فقال لا ..) وأخرج أحمد عن أنس أن رسول
الله صلى الله جل جلالهعليه وسلم لم يسأل شيئا على الإسلام إلى أعطاه قال فأتاه رجل
فأمر له بشاء كثير بين جبلين من شاء الصدقة فرجع الرجل إلى قومه فقال يا
قوم أسلموا فإن محمد يعطى عطاء من لا يخشى الفاقة وأخرج ابن عساكر في قصة
إسلام صفوان بن أمية عن عبد الله بن الزبير قال: وخرج رسول الله صلى الله جل جلاله
عليه وسلم قبل هوازن وخرج معه صفوان وهو كافر وقد أرسل إليه يستعيره سلاحه
فقال صفوان طوعا أو كرها فقال رسول الله صلى الله جل جلالهعليه وسلم عارية رادة
فأعاره مائة درع بأداتها فأمر رسول الله صلى الله جل جلالهعليه وسلم فحملها إلى
حنين فشهد حنينا والطائف ثم رجع رسول الله صلى الله جل جلالهعليه وسلم إلى الجعرانة
فبينما رسول الله صلى الله جل جلالهعليه وسلم يسير في الغنائم ينظر إليها ومعه
صفوان بن أمية جعل صفوان ينظر إلى شعب ملاء نعما وشاء ورعاء فأدام النظر
إليه ورسول الله صلى الله جل جلالهعليه وسلم يرمقه فقال (أبا وهب يعجبك هذا الشعب)
قال نعم قال (هو لك وما فيه) فقال صفوان: ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس
نبى أشهد أن لا إله إلا الله جل جلالهوأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأسلم مكانه.